حاجتنا إلى التنمية الأخلاقية ومخاطر تفاقم الانحطاط 1
الحاجة إلى التنمية الأخلاقية هي ضرورة بشرية وإنسانية قبل أن تكون حاجة إنسانية فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الغاية من رسالته تتميم مكارم الأخلاق الإنسانية، وكانت أخلاق صاحب الخلق العظيم تجسيدا للكمال الأخلاقي البشري” فقد أثنى على أخلاقه الخالق عز وجل” وإنك لعلى خلق عظيم” واعترف بمكارم أخلاقه العدو قبل الصديق.
وأكد الإسلام على مكانة الأخلاق على نحو صارم وحاسم، فجوهر الدين هو الخلق الحسن وأقرب الناس مجلساً من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة هم أحسنهم أخلاقا.
وتواجه الأخلاق اليوم الكثير من التهديدات و المخاطر في ظل التطورات الفكرية والثقافية والإعلامية والتقنية، وما يترافق مع كل ذلك من أنماط حياتية وسلوكيات تفرض نفسها من خلال الكم الهائل من الأفلام والإنتاج الفني والثقافي في عصر ثورة التواصل والبيئة الإعلامية المفتوحة وتخلي الأنظمة العربية عن مسؤوليتها في حماية أخلاق مجتمعاتها ومساهمة معظم هذه الأنظمة في الترويج لثقافة التحرر من الهوية و تشويه الالتزام الأخلاقي والديني.
وكل ذلك يؤكد أن التنمية الأخلاقية لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية
ورغم أن الدراسات العلمية تؤكد بأنه لا يستفيد أحد من إضعاف الروح الأخلاقية والإنسانية للشعوب والمجتمعات، فقد ربطت دراسة علمية حديثة نسبيا أجراها مركز بيو للأبحاث في عام 2019 تراجع الثقة في المؤسسات الحكومية والتجارية في العديد من الدول بتراجع القيم الأخلاقية وزيادة الفساد، وأشارت د راسة نشرتها في مجلة “American Sociological Review” إلى وجود علاقة بين تراجع الثقة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي وارتفاع معدلات العنف والجريمة في المجتمعات.
وقد بدأ العالم يدرك بعض هذه المخاطر مع ظهور بعض تأثيرات التراجع القيمي على المناخ والبيئة ومع تنامي الظواهر الشعبوية وثقافة الكراهية ومؤشرات تصاعد ثقافة العنف.
وكل ذلك يؤكد أن التنمية الأخلاقية لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية وسنتطرق في مقال قادم لبعض مخاطر تراجع الأخلاق على مستقبل البشرية.