المقالات

خصائص الحضارة الإسلامية

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الهادي الأمين، محمد بن عبد الله المرسل رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فسوف نطوف معك أيها القارئ الكريم في ظلال الحضارة الإسلامية التي استظلت بها البشرية حينًا من الدهر، ونقطف تلك الثمار اليانعة من تلك الحضارة الناصعة التي استوحت أسس بنائها من منهج قرآني رباني: {لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: 42)، واتصفت بصفات الصدق والوفاء والأمانة والإخلاص، وجمعت بين المثالية والواقعية، وبين الفردية والجماعية، وبين الروحانية والمادية، فهي أمة الوسط: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا …} (البقرة: من الآية 143). أمة لا يوجد لها مثيل أو نظير في سائر الأمم على مر الأزمنة والعصور؛ فارتقت فوق كل الأمم، فلكل أمة سَبْقٌ في العلوم والفنون والآداب والدراسات يزيد أو ينقص، ولكن جميع الأمم عجزت عن إفراد الله بالوحدانية، فهو الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد.
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ ( سورة الصمد)
أما القيم وحقوق الإنسان فحاولت به الحضارة المعاصرة فأبدعت وتفننت في إخراجه وتخريجه وإعداد نصوصه وفصوله، لكنه أضحى زخرفًا من القول غرورًا، وكلنا شهود على ذلك وما شهدنا إلا بما علمنا، فجاءت الحضارة الإسلامية فسطرت واقعًا ملموسًا من القيم تتباهى به الأجيال المسلمة على مر العصور؛ فكانوا للعدل صِنوانًا لا مثيل لهم، وللمساواة عنوانًا فهي الصفة البارزة الظاهرة، وللتسامح سجية فهي ملازمة لهم، وللرحمة والإحسان قربة يبتغون بها رضا الرحمن، وللكرامة هديًا مقتبسًا من قول الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ (الإسراء: من الآية 70).

استظل العالم بالشريعة الإسلامية فكانت الرحمة المهداة؛ فكفلت للشعوب عقيدتها ودينها وحفظت الأرواح والأعراض والأموال، وضمنت الحقوق والواجبات، وساستهم بسياسة السواسية لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي.

لقد سمت الحضارة الإسلامية بالأخلاق إلى أعلى مراتب السمو، وترفعت بالنفس البشرية عن الانحطاط ودناءة الأخلاق ومراتع البهائم؛ فاقتلعت المثلية من جذرها والفواحش من مهدها. واستظل العالم بالشريعة الإسلامية فكانت الرحمة المهداة؛ فكفلت للشعوب عقيدتها ودينها وحفظت الأرواح والأعراض والأموال، وضمنت الحقوق والواجبات، وساستهم بسياسة السواسية لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي.
أي أمة هذه يا ترى؟! هل هي المدينة الفاضلة التي كان يحلم بها أفلاطون يومًا ما؟! أم أنها الأمة التي زكاها ربها جل في علاه في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ….} (سورة آل عمران الاية 110)
أيها الأخ الحبيب القارئ، لنا تتمة فى اللقاء القادم باذن الله.

أ. سعيد بن ناصر الطنيجي

مهتم بالتاريخ الإسلامي وحاصل على درجة الماجستير فيه، خريج كلية الآداب والتربية من جامعة الإمارات العربية المتحدة مشرف على عدة مراكز تحفيظ القرآن الكريم، وعضو مؤسس في جمعية الإصلاح الإماراتية ومديراً لها.

أ. سعيد بن ناصر الطنيجي

مهتم بالتاريخ الإسلامي وحاصل على درجة الماجستير فيه، خريج كلية الآداب والتربية من جامعة الإمارات… المزيد »

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى